«بعد حظر غير معلن».. الإيكونوميست: لعبة «الكريكيت» في إيطاليا تتحول لقضية حقوقية
الجالية البنغلاديشية تواجه العزل
تحمل لعبة الكريكيت، الشهيرة والتي تعد رمزًا لتراث الإمبريالية البريطانية، في طياتها تاريخًا طويلاً من الربط بين الثقافات المختلفة.
من ملاعب النبلاء الإنجليز إلى أزقة كينغستون وكولكاتا، تجسد الكريكيت روح الاتحاد والتواصل عبر الحدود، لكن في مدينة مونفالكوني الواقعة شمال شرق إيطاليا، أصبحت هذه الرياضة الشهيرة رمزًا لمشكلة سياسية واجتماعية أعمق.
وفقًا لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، فإن نحو ثلث سكان المدينة من البنغاليين، الذين قدموا إلى مونفالكوني للعمل في حوض بناء السفن العملاق.
يُعرف عن هؤلاء المهاجرين شغفهم بلعبة الكريكيت، إلا أن هذه الرياضة قد أصبحت ممنوعة فعليًا في الأماكن العامة، حيث تُفرض غرامات على من يحاول ممارستها.
حظر عملي
يقول ساني بهويان، عضو مجلس المدينة عن الحزب الديمقراطي من يسار الوسط، إن هذه القوانين غير مكتوبة لكنها مفروضة بقوة، ما يجعل الكريكيت محظورة بشكل عملي.
وأصبح من الصعب على الجالية البنغالية، التي تُعد الأكبر في المدينة، ممارسة لعبتهم المفضلة.
من جهتها، تنفي آنا ماريا سيسينت، التي كانت عمدة المدينة عن الرابطة اليمينية المتطرفة، أن يكون الحظر بسبب أن الكريكيت رياضة "غير إيطالية" أو لأن معظم ممارسيها من المهاجرين.
لكنها تقول إن الهدف هو منع الأفعال التي قد تؤدي إلى إتلاف الممتلكات أو إصابة الآخرين، نظرًا لأن كرات الكريكيت قد تُشكل خطرًا إذا لعبها رياضيون ماهرون.
سياق أعمق للتمييز
هذا الحظر على الكريكيت لم يكن التحرك الأول ضد المهاجرين في المدينة، سبق للعمدة سيسينت أن أزالت مقاعد عامة كان يستخدمها البنغاليون بشكل رئيسي، وأمرت بمنعهم من الصلاة في المراكز الإسلامية.
ورغم نجاح البنغاليين في إلغاء الحظر القضائي المفروض على الصلاة في المحاكم، فإن تلك الإجراءات تركت آثارًا على الجالية المهاجرة، ما زاد من شعورهم بالاستهداف الاجتماعي.
الهجرة البنغالية
تشكل الجالية البنغالية واحدة من أكبر الجاليات المهاجرة في إيطاليا، حيث تجاوز عددهم 100 ألف بحلول عام 2016.
بدأت الهجرة من بنغلاديش إلى إيطاليا في الثمانينيات، وتركز معظم البنغاليين في الأقاليم الشمالية والوسطى مثل لاتسيو ولومبارديا وفينيتو، حيث يعيش العدد الأكبر في المدن الكبرى مثل روما وميلانو وفينيتسيا.
تعد قصة الكريكيت في مونفالكوني انعكاسًا للصراع الأكبر حول الهوية والاندماج في المجتمعات الأوروبية، في حين أن الكريكيت رياضة تتجاوز الحدود، فإنها في هذه المدينة الإيطالية أصبحت رمزًا للتوترات الاجتماعية والسياسية التي تعكس تحديات المهاجرين في مواجهة التمييز.